تراث مملكة
تدمر القديمة
English
للاستشهاد بهذا المصدر
معهد بحوث جيتي
المقابلة المقال المعرض

يقدمه معهد بحوث جيتي، لوس أنجلوس

في القرن الحادي والعشرين غيّرت الحرب في سورية مدينة القوافل القديمة تدمر، التي اشتهرت بكونها مكان التقاء الحضارات منذ ذروة تقدمها في الفترة من منتصف القرن الثاني حتى القرن الثالث ميلادي. اشتهرت مدينة تدمر عند الرومان والبارثيين بكونها واحة الثروات، ومركز الثقافات والتجارة على أطراف إمبراطورياتهم. على امتداد ما يصل إلى ثلاثة كيلومترات، تشهد أطلال مدينة تدمر، مثل جميع الأطلال، على المكانة التي كانت تحتلها المدينة على مر التاريخ. لعدة قرون قام المستكشفون والفنانون المسافرون بتوثيق الموقع في حالة حفظه السابقة . أٌنشأ هذا المعرض للإشادة بمدينة تدمر إذ يُقدم ر الموقع كما صوّره لويس فيغنس لأول مرة في عام 1864 وكما رسمه المهندس المعماري لويس فرانسوا كاساس في القرن الثامن عشر. حيث تساهم أعمالهم هذه في الحفاظ على تراث تدمر الذي يتخطى حجارة مبانيها المميزة.

عام 2011 تقريبًا

إنشاء تراث تدمر

"كل جزء من أجزاء أراضي تدمر ممتلئ بشكل كبير ببقايا تذكارية . توجد أعمدة وتيجان أعمدة مقلوبة في منتصف أسطح معمدة وإطارات أبواب مزينة بزخارف كثيرة ومحطمة إلى حد ما. ووراء جميع هذه الأطلال الرائعة، يمتد محيط من الرمال المتوهجة التي تمتد طوال الطريق المؤدي إلى الأفق الذي يبدو مضيئًا بشكل كبير مثل البحر الأزرق."

–لويس فرنسوا كاساس
لويس فرنسوا كاساس يسرد دخوله
إلى تدمر عام 1785. مخطوطة لم يتم نشرها
(ص. 15). معهد بحوث جيتي 840011

لويس فرنسوا كاساس

لويس فرنسوا كاساس

فنان ومهندس معماري

في عام 1784 سافر الفنان والمهندس المعماري الفرنسي لويس فرنسوا كاساس (الفترة من 1756 حتى 1827) إلى شرق البحر الأبيض المتوسط كجزء من بعثة دبلوماسية إلى المحكمة العثمانية. كلف السفير الفرنسي ماري غابرييل فلورنت أوغست دي شويسيول غوفييه، هاوي أثار ومؤلف للكثير من الأعمال المهمة عن ماضي اليونان الكلاسيكي ، كاساس بتسجيل المعالم الأثرية في مصر وسورية ولبنان وجزيرة قبرص وفلسطين وآسيا الصغرى.

وخلال هذه الرحلة الاستكشافية التي استمرت لمدة ثلاثة أعوام، انجزَ كاساس المئات من الرسومات التي وضعت حجر الأساس لمنشوره في الفترة من عام 1799 حتى 1800 Voyage pittoresque de la Syrie, de la Phoénicie, de la Palestine, et de la Basse Egypte. تشكل النقوش ذات التنسيق الكبير التي تزيد عن 100 نقش والتي تُمثل تدمر، والتي تظهر في المجلد الأول من هذا المنشور، ما يقرب من ثلث الرسوم التوضيحية . في عام 1984، حصل معهد بحوث جيتي على مجموعة فريدة من الطبعات التجريبية أو "اللوحات التجريبية" التي تم تصميمها بعد الرسومات التي صممها كاساس أثناء رحلته، بالإضافة إلى مخطوطة مكتوبة جاهزة للنشر. تقدم هذه المخطوطة الغير منشورةملاحظات تفصيلية حول مدى روعة التصميمات المعمارية للمقابر، و المعابد، والقنوات المائية، والأقواس، والأروقة ذات الأعمدة، والتماثيل، والأفاريز الموجودة في مدينة تدمر، مع ملخص إضافي لتاريخها، وإعادة اكتشافها، واستكشافها.

عمل كاساس بجد منذ وصوله إلى تدمر إما في يوم 22 اوفي يوم 23 مايو 1785 لتسجيل كمية هائلة من الأطلال المنتشرة عبر المنطقة حتى رحيله بعد ذلك بشهر مع قافلة مكوّنة من 500 جمل متوجهة إلى بعلبك في لبنان الحديثة. بهدف تجاوز المنشورات السابقة عن تدمر، أراد كاساس أن يثير الرعب والأفكار الملهمة في نفوس جمهوره الأوروبي من خلال توثيق هذه المدينة القديمة العظيمة و المحاطة بالصحراءبسخاء . تتطابق الرسومات الشاملة الخاصة به مع تراث الرحلة التصويرية "pittoresque"، مما يدعو المُشاهد إلى التعجب من عظمة العصور القديمة والفجع على الخراب المحتوم في آن واحد. تُعد المطبوعات المصممة من رسوماته مزيجًا من السمات الشرقية ودراسة الآثار وتوضح حياة البدو المحليين القاطنين المنظر الشامل مع وجود كتل أثرية وأعمدة كورنثية، ومداخل ضخمة تذكارية. يتضح هدف كاساس الأساسي لتسجيل مدى البراعة الفنية لهذه الحضارة من خلال طرق العرض الفنية المتعددة للعمارة المدنية والدينية الفخمة. تكتمل تخطيطات الطوابق والارتفاعات المعمارية التي أُعبد بناؤها بتفاصيل الملامح الزخرفية.

بعد عودته إلى فرنسا، أصبح كاساس أستاذًا للرسم في متحف "مصنع غوبلينز" الشهير، إذ إنه من المحتمل كان يستخدم دراسات الزخرفة الخاصة به للتدريس هناك. من خلال إعادة صياغة رسوماته إلى نقوش جاهزة للنشر، صمم كاساس مصادر جاهزةً لتوفير الأفكار الملهمة للمهندسين المعماريين والرسامين والمصممين الذين يعملون في الفنون الزخرفية.

 

تكمل هذه الصور المتميّزة لمدينة تدمر التي أُنتجت بعد مرور حوالي 75 عامًا على نقوش كاساس المطبوعات لإنشاء سجل مرئي استثنائي لهذا الموقع القديم الفريد.

لويس فيغنس

لويس فيغنس

قبطان بحري ومصوّر فوتوغرافي

كان تصوير الآثار القديمة في تدمر رؤية النبيل الفرنسي أونوريه ثيودور بول جوزيف دي ألبرت، دوك لوينس (1802-1867)، وهو رجل علم استثنائي ذو اهتمامات متنوعة تتراوح ما بين علم الآثار والتاريخ الطبيعي وعلم المعادن والكيمياء و جمع الأعمال الفنية القديمة. وفي عام 1864 قام لوينس بتكوين بعثة استكشافية إلى البحر الميت شملت مسح منطقة شرق الأردن واستكشاف مدينة البتراء الشهيرة المحفورة في الصخر. ولإكمال عمليات البحث هذه، قام بتعيين العديد من العلماء من بينهم الملازم البحري لويس فيغنس (الفترة من عام 1831 حتى 1896) بسبب مهارات فيغنس الملاحية ومعرفته بموانئ شرق البحر الأبيض المتوسط. لتسجيل المواقع التي وصل إليها في الرحلة الاستكشافية التي مولها بنفسه بشكل صوري ، لوينس وفيغنس مدربين على التصوير الفوتوغرافي من قِبل الفنان والمصوّر الفوتوغرافي تشارلز نيغر. بعد الانتهاء من معظم البعثة، عاد لوينس إلى باريس، وترك فيغنس لمواصلة طريقه إلى تدمر عبر بيروت.

الصورة اليسرى:
الصورة اليمنى:

كان لوينس متحمسا لبيئة التصوير الفوتوغرافي التي تم اختراعها حديثًا، لا سيما إمكانيتها التي يمكن أن تترجم إلى عملية آلية ضوئية أكثر استقرارًا. كلّف نيغر بطباعة السلبيات الزجاجيةاو احيانآ الورقية، ا، التي أنتجها فيغنس، ومن ثم لإنتاج كميات كبيرة من الصور للنشر بفضل عملية التصوير الضوئي الخاصة التي صممها نيغر بنفسه. ولكن ، ونظرًا لموت الدوك في وقت مبكر في عام 1867، لم يتم إدخال سوى صور البحر الميت والبتراء ومنطقة شرق الأردن في التصوير الضوئي، لذا لم يظهر سواها في التقريرال متعدد المجلدات الذ نُشر بعد وفاته Voyage d'exploration à la mer Morte, à Petra, et sur la rive gauche du Jourdain (1874).

وإلى أن حصل عليها معهد جيتي للبحوث في عام 2015، كانت صور مدينة تدمر التي ظهرت في هذا المعرض غير معروفة إلى حد كبير لأنها ظلت في حوزة أسرة لوينس ولم تظهر أبدًا كصور فوتوغرافية. طبعها نيغر بعد فترة قصيرة من عودة فيغنس على الأرجح، تُعد الصور الفوتوغرافية لمدينة تدمر المكونة من ثلاث دستات نادرة للغاية، وفي بعض الحالات مطبوعات فريدة من نوعها ت. وهي أقدم صور فوتوغرافية معروفة في التاريخ للأطلال، مما يجعل فيغنس أول شخص يقوم بتصوير المعالم التاريخية فوتوغرافيًا. تكمل هذه الصور المتميّزة لمدينة تدمر التي أُنتجت بعد مرور حوالي 75 عامًا على الطبعات المنقوشة لكاساس مجموعة المطبوعات لإنشاء سجل مرئي استثنائي لهذا الموقع القديم الفريد.